Sonntag, 19. Juni 2011

القتل فلسفة


إذا كان حتى أيام قليلة يتقنع بشتى الحجج كي يبقى على الجثث، فقد خلع النظام السوري كل أرديته. وهذه كانت شفافة، لكن ليس الجميع أطفالا ليصرحوا أن الملك عار.
الأطفال في أقصى بقاع الأرض يعلنونها اليوم. طفلة بلجيكية تقول لصديقتها ذات الأصل السوري: "رئيسكم بشع". فماذا يقول الطفل السوري الذي يرى ابن بلدته، ابن عمه، أخاه يتمرغ في بقعة دم خلقتها رصاصة من كان يقسم حتى عهد غير بعيد بفدائه بالروح والدم، قناعةً أو نفاقا.

ومازال البعض يمن النفس بأن النظام قد يبدل لباسه، ينسخ روح الأسد في قط وديع. وأي تغيرات تجريها الرصاصة على دم أهرق. مبكية هذه الأمنية. وهمٌ استلهم من شباب الرئيس و"دراسته في بريطانيا"، كأن من تخصص في طب العيون سنتين في ديمقراطية أوروبية قد تلبس هذه الديمقراطية وغدت ترنيمة يهدهد بها أطفاله.

ما يذهل في سوريا، هو الرعب الذي مازال كامنا في النفوس. رغم "سقوط جدار الخوف" في عدة أمكنة، إلا أنه لا يزال. الرعب المبذور في النفوس منذ أربعين عاما، أثمر يأسا قاتما، تخدشه التظاهرات، غير أن الدبابات تسنده، وستسنده الطائرات غدا، حين يظهر أن القناصات لا تقتل كل جذور العصيان.

من ورث القتل فكرا منذ فجره، لا يعرف حياة سوى حياته. ربما أيضا حياة من يرفعه أو يضعه. أما حياة الآخر، فسهلة وضعيفة مثل عين تفقأ.
ورخصة كرصاصة استعيرت من الأصدقاء، الحماة.
من قام على القتل يَقتُل لأنه لا يعرف غيره.

قد يحسب للنظام أنه وحد الشباب السوري (وليس شيابه). مؤقتا على الأقل.
السوري إذا كان كريما لحد إراقة دمه حرصا على شعارات غدت علامات في الوعي الجمعي (كان النظام أول من رفعها)، إذا كان متواضعا ليوقف دعوته على حد متدن قانعا بزي جديد يرتديه عنصر المخابرات، إذا كان بسيطا ليؤسس لمستقبل تظهر فيه أي صورة من صور النظام (قريبة أو بعيدة)، فإنه يهدر دمه حقا.
خشية لها مبرراتها. لها من يدعو إليها "حرصا" على سوريا، خوفا من طائفيتها (الصنيعة المستحدثة، غير المتوارثة)، من تشتتها (كأن هدف وحدتها هو أن ينهشها أصحاب السلطان)، من تيهها (كأنها اليوم في صراط مستقيم). هذا الحرص تبرير، واع أم لا، للنظام وعيونه.

قد لا يخلو الأمر من وجود من يريد فقأ عيون طائفة أخرى، وهؤلاء لا يختلفون عن النظام بشيء. أما ابنة القامشلي التي تسكن مع ابنة السويداء في المدينة الجامعية في اللاذقية، فتعاني مع ابنة درعا التي قد لا تتمكن من تقديم امتحاناتها هذه السنة.

الوحدة السورية اليوم وحدة المعاناة.

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen