Sonntag, 9. Oktober 2011

عن الفتنة والطائفية مرة أخرى


طالما كان آذار، في العرف الكردي، متميزا، ففيه يشعلون نار السنة الجديدة وفيه يشيعون كثيرا من رموزهم. وفي آذار أيضا، هذا على المستوى السوري، جمح الأكراد عام 2004 في مدينة القامشلي،  أقصى شمال شرق، ضد طغيان النظام وانتشرت شرارات ما سمي آنذاك انتفاضة القامشلي في شتى المناطق الكردية. وكعهدها لم توفر السلطات القمعية في ذخيرتها تطلقها على المتظاهرين العزل. وآنذاك أيضا وأيضا تنطع المنظرون للحدث وجيّرت الغضبة الشعبية إلى صراع بين كرد وعرب، بين مدينتين عصبيتين، عصابيتين، تمثل أولاهما، القامشلي، النزعات القومية الانفصالية وثانيتهما، دير الزور، القومية العربية، بل القومجية الصدّامية. وكبح الجماح لأسباب لا وسع للاطراد فيها، لكن بينها استهانة "العقلاء" بدماء الضحايا والنزوع  إلى الاستكانة، بذريعة البقاء  تحت سقف الوطن والحرص على استقراره، وكذلك التعتيم الإعلامي.
وآذار ذاته، بكل رمزيته، تميز هذه المرة بانبعاثه من رماد آخر وفي هيئة أخرى، ليست محض كردية، ملونة بدماء براعم سوريا، في أقصى جنوبها، بينما أرسل النظام ممثليه للاحتفال مع الأكراد بنيروزهم وهم الذين صادروا هذا الحق منذ استيلائهم على السلطة، لجما لهم عن تشاركهم مع العربي في الألم الواحد. ومن جديد بعث النظام الطاغي رسل الفتنة ليعظوا المواطنين بالثوابت الوطنية والاستقرار. إلا أن الجيل السوري الناشئ على تفاعلات جديدة، سريعة، مع الحياة اليومية، مقتبسا شعلة التغيرات الطارئة على الكون من حوله، لم يستكن ولم يصغ إلى أصوات "العقلاء" الناصحين له، مصرا على استلهام الجديد الناشئ في روحه المتمردة على ثبات عالمه الضيق. امتدت شعلة آذار وتكاثر حاملوها على المساحة السورية جمعا.
على صرخات دم مشعل تمو الكردي، ابن القامشلي، أطلق النظام اليوم، 9 تشرين الأول 2011، سراح نواف البشير العربي، ابن دير الزور. بهذا يبرهن من ناحية على هشاشته أمام الهدير الجماهيري وربما، هو العتيد في الألعاب الدنيا، يعيد دس أنفه في الخلية القذرة، خلية ضرب الجزء بالجزء، كي يتمثل دور حافظ الكل، وهو جاهل، أو متعام، أن شابا مغنيا من دير الزور ذاتها، أعاد مياه الصداقة بين أبناء مدينته وأبناء "عدوتها" القامشلي، وأن أبناء الحراك وبابا عمرو ودير الزور خرجوا صارخين، طلبا لإزالة النظام الذي يصر على قتلهم جميعا، ليبقى وحيدا أوحد على عرش من جماجمهم.

كاميران حوج: مترجم سوري
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=News&file=article&sid=43516

Mittwoch, 5. Oktober 2011

مجاز عن حياة تالفة.."الكونتراباص" لباتريك زوسكند




عبدالله السفر : كاتب سعودي 2011-09-29 4:13 AM     

كما تنوس الأرجوحة في حركتها الدائبة إلى الأمام وإلى الخلف، إلى الأعلى ثم الأسفل ارتطاماً بفراغ لا يبعث على البهجة بقدر ما يفتح نافورةً تندلع من ثقوب الألم.. هكذا يفعل باتريك زوسكند مع بطله في "الكونتراباص" الصّادرة عن دار الجمل (بيروت ـ 2011) بترجمة كاميران حوج.
يخلو العمل من الإشارة إلى نوعه التصنيفي فيما إذا كان رواية قصيرة (78 صفحة) أو مسرحية مونودراما من فصل واحد، والأقرب في تقديري هو الثاني لدواعٍ فنيّة نكتشفها أثناء قراءة الكتاب. عازف شاب لآلة الكونتراباص بأوركسترا الدولة الألمانية، في الخامسة والثلاثين، يقيم وحيداً في غرفة لا نسمع فيها غير صوت الموسيقى وصوت تداعياته عن الآلة وعن حياته. الكونتراباص ضمن عديد الآلات في الفرقة الموسيقية منظوراً أمام الجمهور في مشهد مسرحي. العازف أيضاً في مشهد مسرحي مماثل حيث الغرفة؛ المنصّة التي يتوجّه منها إلى جمهور معلوم، (القراء) بدلالة ضمير الخطاب الجمعي المصاحب لأقوال العازف في أغلب صفحات الكتاب. هذه المماثلة تستدعي السؤال عن الخيط الواصل بين العازف وآلته.
يبني العازف في البداية صورة متعالية لآلته الوتريّة، تنزلها منزلة الأصل ومنبع الشرارة التي تتوّلد عنها صناعة الموسيقى. الآلات الأخرى لا شيء دونها. لولاها لما حصل الأثر الكبير، يصدر من فرقة كاملة. هي الأساس والجوهر الذي لا يمكن تجاوزه أو إهماله (الأوركسترا يمكنها أن تستغني عن المايسترو، لكنها لا تستغني عن الكونتراباص).. (الكونتراباص أهم الآلات الموسيقية في الأوركسترا على الإطلاق).. (الكونتراباص هي الآلة الموسيقية المركزية في الأوركسترا). ويؤسس لهذه الفكرة حين يجعلها الأم والأرض؛ في صورة جامعة للولادة والتخليق ومنح الوجود وأسبابه (... الأرض الأم، التي نضرب كلنا جذورنا فيها، منبع القوة، الذي تتغذّى منه كل فكرة موسيقيّة). عالم السُّرّة الذي يصل الموجودات الموسيقية بالحياة، يلحّ العازف على تأكيده. يذهب ثم يعود إليه مراراً، وتنزلق منه كلمة تماهي بينه وبين آلته (هذا أنا، أعني الباص. الكونتراباص).
تلك الفكرة ـ مركزيّة الآلة ـ لا يصمد عليها. ينتابه الشكّ حيالها، سرعان ما يصمها بأنها "آلة مرعبة" وأنها "تنكة زبالة" ويتناول هيئتها بمزيدٍ من السخرية والتبخيس بما ينسف أصالة الكونتراباص، في الشكل أو المكان الذي يشغله على مسارح العروض الموسيقية، (منظره منظر امرأة عجوز سمينة. الوركان متهدلان، الخصر منتهٍ تماماً، عال كثيراً وغير ضيّق كفاية).. (الكونتراباص هي أكثر الآلات الموسيقية دناءة وفظاظة وغلاظة التي تمّ اكتشافها في التاريخ). ويمضي في هجومه لبيان الهامشيّة التي عليها آلته عندما تتأخر في المشهد أمام الجمهور، حيث لا يراها أحد (وفي آخر الأخير الكونتراباص. ليس وراءه إلا الطبل. لكن هذا نظريّا فقط، لأن عازف الطبل في حدّ ذاته وحيد ويأخذ مكاناً عالياً، بحيث يراه الجميع). الهامش الذي يقبع فيه العازف بعيداً عن الأنظار بآلة لا تنزع إلى الحضور الفردي؛ فتلفت البصر وتستدرّ الإعجاب، يصيّره كتلةً من الغضب، والنقمة تتنفّس برغبات التدمير التي تريد أن تمحو الكونتراباص محواً (أقصى ما أريده أحياناً هو أن أرميه في الزبالة. أن أقصّه بالمنشار، أهرسه هرساً، أقصقصه وأطحنه وأجعله غباراً ورماداً في المدفأة).
إذا، هي نقمة وإرادة انتقام من آلةٍ جعلت عازفها قريناً للصوت الخافت المحجوب. الحضور الناقص. المكانة المختلسة. "الإنسان" المطعون في وجوده، فلا يُؤبه لشأنه، ولا يشير إليه أحد.الكونتراباص فعلَ كل هذا، طمره في الظل فملأت الخيبة صدره. العازف يتنكّر لآلته، ويريد أن يخرج من عالم المغفوليّة والمجهوليّة، ومن هرميّة المجتمع الموسيقي الذي أبعده إلى الهامش وفي الأسفل. هل يكون مخرجه عبر "سارة"؛ المغنية الصغيرة في الفرقة التي يظن أنها لا تعرفه ولم يلفتها رغم الوجود المشترك والصحبة في الحفلات. يوقن أنه لن يصل إليها عبر مهنته عازفاً. عليه أن يقوم بفعلة متهورة تجلب انتباهها الذي لم توفّره له موسيقاه.. عليه أن يخرّب "حفلة اليوم" ويقطع سيرورة العرض ويصرخ باسمها (وبجميع الأحوال سيحدث شيء ما. ستنقلب حياتي 180 درجة. ستكون نقطة حاسمة في سيرة حياتي، وحتى لو لم أحصل بهذه الصرخة على سارة، فلن تنساني طوال عمرها (...) وهذا وحده يستحق الصراخ باسمها). هل حدثت "الصرخة"؟ .. تُترَك معلّقة على مواتاة الجرأة، ربما تمنحه العتق من ربقة التراتبيّة وينجو من التلف والنسيان وحيداً في غرفته يجترّ الاضطراب والغياب في خدر الكحول.
http://www.alwatan.com.sa/Culture/News_Detail.aspx?ArticleID=70872&CategoryID=7

Donnerstag, 25. August 2011

باتريك زوسكند في «الكونتراباص» هل يختار البشر الآلات التي تشبههم؟

شوقي بزيع

لم يكن للكاتب الألماني باتريك زوسكند أن يأخذ طريقه إلى الشهرة وذيوع الصيت من غير روايته «العطر» التي عدها الكثير من النقاد والمتابعين إحدى أجمل الروايات العالمية المعاصرة، سواء من حيث موضوعها الفريد أو حبكتها المحكمة أو ربطها الحاذق بين الإبداع والانحراف، وبين الشهوة والموت. وقيمة الرواية تلك لا تكمن في إعادة الاعتبار إلى حاسة الشم التي عانت طويلا من «التمييز» والدونية ونُظر إليها كحاسة هامشية أو نافلة بالقياس إلى السمع والبصر والذوق واللمس. وإذا كان البعض قد ذهب إلى القول بأن الروائي، مهما كان عظيماً، لا يكتب سوى رواية واحدة ثم يكتفي بتكرارها أو محاكاتها في أعمال أخرى فإن «العطر» شكلت التحدي الأكثر خطورة لصاحبها بالذات ووضعت له سقفاً عالياً يصعب محاذاته أو القفز فوقه.
أقول هذا الكلام وأنا أفرغ من قراءة رواية زوسكند «الكونتراباص»، التي نقلها إلى العربية كاميران حوج والتي هي أقرب إلى مونولوج سردي قصير منها إلى الصيغة المتداولة للرواية المعروفة. ومع ذلك فإن بصمات الكاتب الالماني المميزة لا تختفي أبداً عن أنظار القارئ المتعطش إلى مطاردة الكاتب الذي احتفى بحاسة الشم كما لم يحتف أحد من قبل والذي أهدى الإنسانية المعاصرة تحفة روائية عصية على النسيان. والملاحظ في العمل الجديد كما في أعمال سابقة، من بينها رواية «الحمامة» على سبيل المثال، أن زوسكند يحاول أن يكون كاتب المهمشين والمطعونين في وجودهم في هذا العصر البالغ القساوة وغير الرؤوف بالضعفاء. ثمة أتر كافكاوي في كتابة زوسكند الذي يلتقي مع سلفه الألماني في النفاذ إلى أحشاء النفس البشرية وظلامها المعتم وفي كشف النقاب عن قدرة الآلة الرأسمالية الوحشية على سحق الإنسان ووأد طموحاته الشخصية بالكامل. وإذا كان شعور بطل كافكا بالمهانة يحوله إلى حشرة حقيقية على المستويين الاجتماعي والنفسي فإن بطل زوسكند في «الحمامة» لا يختلف كثيراً عن سابقه بحيث يتحول العثور على مرحاض إلى أحد أكثر الطموحات جدارة بالمتعة والرضى عن النفس.
في «الكونتراباص» يدفعنا زوسكند مرة جديدة إلى الاعتقاد بأن البطولة عنده هي للمعنى كما للموضوع المفاجئ والمنبثق عن قوة تحديق الكاتب في ملامح عصره وسماته الغالبة. ليس ثمة في الرواية هذه سوى بطل واحد في الخامسة والثلاثين من عمره ويشتغل ضمن الأوركسترا السيمفونية للدولة الألمانية كعازف على آلة الكونتراباص. على ان أحداً غير زوسكند لا يملك في اعتقادي القدرة على استنباط عمل روائي كامل من تلك العلاقة الملتبسة والمعقدة بين العازف الشاب وآلته الموسيقية التي لا يكاد أحد يصفق لها أو يعيرها انتباهاً رغم كونها الأضخم بين الآلات. ورغم ان الأوركسترا السيمفونية تتحول في الكثير من وجوهها إلى مجسم مصغر لهرمية الدولة الصارمة والمجتمع البالغ الانضباط، فإن الكونتراباص بشكله الأنثوي الفاقع يتراجع موقعه إلى الصفوف الخلفية لتتقدمه دائما الكمنجات وسائر الآلات الوترية وآلات النفخ والقرع بالأيدي. ورغم ضخامته البادية فهو لا يعتبر قطعة مميزة من أثاث المنزل، كما هو حال البيانو، ولا يلقى من الجمهور المحتشد سوى التبرم وإشاحة السمع، مهما بلغت مهارة عازفه.
سيكتشف القارئ من سياق النص ان والد العازف كان متسلطاً وقاسي القلب وأن والدته التي كان شديد التعلق بها لم تكن تعيره الانتباه الكافي بما جعل اختيار الابن العزف على الكونتراباص دون سواه من الآلات نوعاً من الانتقام من الأم الضعيفة والهشة ومن الأب المستبد الذي لا يكف عن اغتصاب الأم وإذلالها يوميا. ولكنه انتقام من النفس وتعذيبها اليومي في الوقت ذاته عبر آلة بالغة الغباء يتفنن زوسكند في استعراض تاريخها الهامشي وإعراض الموسيقيين الكبار كبتهوفن وموزار وباخ وفاغنر عن العزف عليها مطلقاً.
تنبغي الإشارة هنا الى أن زوسكند يختار لروايته أسلوب المونولوج الداخلي الذي يوفر له ذريعة السرد من خلال بطله العازف الذي يروي، شبه مخمور، علاقته المأساوية بالآلة الوحيدة التي تشبهه في غرابتها وهامشيتها الدونية. وإذ يضع المؤلف لعمله عناوين فرعية متتالية تتعلق بحالة بطله النفسية والجسدية وبهمسه وصراخه واحتسائه الكحول، يبدو العمل أقرب إلى مسرحية بفصل واحد يمكن مخرجاً حاذقاً أن يمنحها كل أسباب النجاح على خشبة المسرح. أما قصة الحب المتخيلة التي راح ينسجها البطل مع مغنية الأوبرا سارة فلم تكن سوى الرد الرمزي على تجاهل الأم وإهمالها له، أو محاولة مضنية لاستعادة صورة الأم في فتاة تماثلها في الضعف والبراءة الرومنسية. والمؤلم في الأمر أن استبسال البطل في العزف على آلته لدى انضمام مغنية الأوبرا الشابة إلى حفل الأوركسترا السيمفونية لم يتح لسارة أن تراه بأم العين وهو المنزوي كعادته في الصف الأخير من العازفين. ولما كان لا بد للعازف المهمش أن يجد لحياته معنى ما أو حدثاً دراماتيكياً يخرجها من الرتابة فهو يجد نفسه أمام خيار انتحاري يقضي بالخروج من مكانه في ذروة الاحتفال وإعلان حبه لسارة بصوت جهوري حتى لو أدى الأمر إلى طرده من وظيفته.
هكذا يبدو باتريك زوسكند مهموماً بالحواس أكثر من أي شيء آخر، بحيث تبدو حاسة السمع في «الكونتراباص» هي الرديف الطبيعي لحاسة الشم في «العطر» مع فارق ملحوظ في المعالجة وقوة السرد. وإذا كان الكاتب الألماني معنياً دائماً بإثارة الأسئلة الشائكة والملغزة فإن سؤالا إضافياً في الرواية الأخيرة لا بد أن يطرح نفسه على القارئ ومفاده أن الإنسان إذ يختار مهنته أو آلة عمله فهل يفعل ذلك لأنها «تشبهه» في الأصل أم أن الشبه يحصل في ما بعد بسبب المجاورة والتعايش. وهل شعور بطل زوسكند بالتهميش دفعه إلى اختيار آلة هامشية للعزف أم أن الشعور تأتى لاحقاً بفعل الآلة نفسها؟ واستطراداً أقول، في ما يتعدى دائرة العزف ويلامس علاقة الفرد مع المركبات الآلية التي يختار قيادتها: هل تصبح لسائق الجرافة أو القاطرة أو الشاحنة الطباع الفظة لهذه الآليات من خلال المعايشة أم أنه يختار قيادتها لفظاظة تكوينية في طباعه؟ مع التقدير الكامل بالطبع لجميع المهن، ومع الابتعاد عن التعميم القاطع والشمولي. ولم لم تكن ثمة علاقة جدلية بين الاثنين فلماذا تختار النساء أقل أنواع السيارات ضخامة وفظاظة وأكثرها نمنمة ورهافة وصلة بالأنوثة؟!

Mittwoch, 24. August 2011

"جهات الغرب" رواية عن التقلبات السياسية والتاريخية

صدر عن مشروع "كلمة" التابع لهيئة أبو ظبى للثقافة والتراث، الترجمة العربية لرواية "جهات الغرب" للمؤلف ميشائيل كولماير، ونقلها إلى اللغة العربية كاميران حوج.وتضم الرواية 16 فصلاً ضمن 4 أقسام، يحمل القسم الأول عنوان لانس، والثانى أوروبا، والثالث أمريكا السوداء كالحبر، أما الرابع فيأتى بعنوان إلهى لماذا تركتنى.تتحدث الرواية عن وجوه الحياة وسطوة الزمن وقوة الحكايات، فهى ملحمة مدهشة تتداخل فيها خلجات قلب الإنسان، فتبدأ الرواية بسيرة ذاتية تقتفى أب وأم وجد وابن، فبنى كولماير روايته ظاهريا على شكل أدبى تقليدى عنوانه: رواية الأجيال، التى تربط الحفيد بجده، وتربط بين الطرفين بأب.أعطى الكاتب لروايته المعاصرة بعدًا جديدًا، وأضاف إلى الرواية العالمية مساهمة نوعية، تبرهن على أن الكتابة المبدعة نصيب المحظوظين من البشر.ويصوّر المؤلف فى رؤيته بسردية عالية مدى اعتماد البشر على بعضهم وتشابك أحداث العالم بعيدًا عن التقلبات السياسية والتاريخية، لماذا يتصارعون ثم لا يجدون خلاصًا إلا فى السلم؟، إنها بانوراما مؤثرة تضع أمام أنظارنا أعظم الخطايا التاريخية وردود الفعل الذاتية عليها.وفى تقديمه للترجمة العربية للرواية يقول د.فيصل دراج: "هذه رواية عن وجوه الحياة، وسطوة الزمن، وقوة الحكايات.. وقد أعطى ميشائيل كولماير فى روايته هذه الرواية الألمانية المعاصرة بعدا جديدا، وأضاف إلى الرواية العالمية مساهمة نوعية. كيف تكتب سيرة القرن العشرين فى رواية، وكيف يأخذ القرن سيرة إنسان متعدد الصفات، وكيف يبدو الشر روحا خالدة، وهل الحكايات تخفف الأحزان؟.. أسئلة واسعة الأصداء طرحها روائى فى عمل إبداعى كبير، يجعل القراءة نعمة، ويبرهن على أن الكتابة المبدعة نصيب المحظوظين من البشر".ولد المؤلف ميشائيل كولمايرفى عام 1949 فى بلدة هارد فى النمسا على ضفاف بحيرة بودنزه، درس الآداب الألمانية والعلوم السياسية فى جامعة ماربورغ فى ألمانيا والفلسفة والرياضيات فى جامعة غيسن، نال العديد من الجوائز بينها جائزة راوريزر للأدب، جائزة يوهانس باول هيبل، جائزة مانه شبيربر وجائزة أنتون فيلدغانز، يعيش المؤلف متفرغا للكتابة فى هوهنمز وفيينا، نشرت له دار دويتيكه: غرفتك لى 1997، كالينغ 1998، النظرة الحزينة إلى الأفق 1999، يوم اشتهر إميليو زانيتى 2002، رواية من الجمعة إلى الاثنين 2004، هاتف الواحدة ليلا 2004، والتعكير على موزارت 2006.ولد مترجم الرواية كاميران حوج فى تل عربيد سوريا عام 1968، يقيم منذ 1996 فى ألمانيا، درس الآداب الألمانية والاستشراق فى جامعة بوخوم بألمانيا، من ترجماته: غونتر غراس: فى خطو السرطان 2006، دانيال كيلمان: مسح العالم 2009، وكريستا فولف: جسد 2009.

Samstag, 16. Juli 2011

خفا الكردي السوري


منذ أن قطّعت الاتفاقات والمعاهدات الجسد الكردي في أوائل القرن المنصرم لم تسنح لذراعه السورية كثير فرص يسخّرها في تمزيق الجلد الذي خيط له، يصل نياطه، يرتّق رقاعه ليُنجِد هويته الخفاقة في رياح المتاهة التي فرضت عليه وغفا فيها خمسين عاما ونيف.

الكردي قام بعمله في الثوران السوري قبل انطلاقته الآن. لقد نحَتَ أسّه قبل سنين مضت، يبدو أن نسيانا طواها في هذا الحاضر المغتلم الذي كثر فيه المحامون عن أحلام وأهواء تنحو لتنسم فضاء فيه بعض نقاء.

ولطالما كان الكردي السوري اسفنجة أمثولة تمتص ما يسيل من الجراح التي تشرع عليه من الجهات الشتى عامدا ألا ينكأ جرحه، ينحيه في ركن قصي من وعيه المنكوب بأثرة قوامها أنه الأخ الأصغر في أسر وإقطاعات تعدد أولياؤها.
وكلهم استحوذ الوصاية عليه شرعا أو نهبا. وكلهم، رغم اختلافهم، أوصاه بالسير على السراط عينه. إن حاد عنه يمينا، قيل إنه خائن، وإن مال عنه يسارا، قيل إنه موتور متهور. فظل يرتد بين حذر وحذر، بين منع ومنع، وبين قمع وقمع، ينوس ليقرع ساعات الآخر ويكون مصيره أن يتأخر أبدا.

لعل الكردي لم يهمل. لعله يمهل فورة ذاته لحين تسكن فيه الفورات وتباشر الطلائع الجديدة تقاسم الحظوظ حيث تصيب كل طليعة ما قد تصيب وتقيم أنصابا وروادع غرانيتية، مهيبة، مفتداة، تغشى عين الكردي فيلحقها بعضله ودمه متمنيا عليها أخوّة ينهلها/يبتهلها من أباريق مساجده الناطقة بلسان لا تتقنه أمه.
عسى يجيء الكردي السوري، هذه اللحظة (التاريخية) النابضة بالتحولات واستشفاف يوم حامل، بصيرا بغاية تتيحها له اللحظة ويمد أصابعه الخجولة مشيرا إلى ما يرجوه من أولياء أمره اليوم. عساه لا يعود هذه المرة أيضا بخفي كردي.

Samstag, 2. Juli 2011

آلاكوم يدرس حالة المرأة في الفلكلور الكردي


الكاتب يقارن بين شتى صنوف النساء في المجتمع الكردي وبين مختلف الصياغات التي حيكت بها حولها الملاحم وقيلت عنها الأهازيج والأمثال.
 
ميدل ايست أونلاين

كتب ـ كاميران حوج

الترجمة خلخلت بنيانها
يعتبر الفلكلور الكردي مصدرا ثمينا لكل بحث يتوخى دراسة الكرد وتاريخهم بموضوعية وتجرد ومن هذا المنطلق يتطرق الكاتب روهات آلاكوم، الذي يشتغل منذ عهد بعيد على الفلكلور والتاريخ الكردي، إلى دور المرأة في المجتمع الكردي في كتابه "المرأة في الفلكلور الكردي" من خلال عدة أبواب، حيث يتناول تيمة المرأة في عدد من الأجناس الأدبية وهي الحكايات والملاحم والأغاني والأمثال الشعبية التي يتناقلها الأكراد حتى اليوم الراهن، دون أن يعرف لها مؤلف معين، كما يقول الكاتب في مقدمته، ويضيف أن موضوعي الفلكلور والمرأة تداخلا "وأغنى كل منهما الآخر. سيرى القارئ أن النساء كون لأنفسهن مكانة مميزة، بل وامتلكن أحيانا ناصية القول.
ويتبين هذا من خلال الكثير من الحكايات التي تروى عن النساء القويات المطالبات بحقوقهن والمناضلات لأجلها حتى تتحقق. فالكاتب يقارن بين شتى صنوف النساء في المجتمع، وبين مختلف الصياغات التي حيكت بها حولها الملاحم وقيلت عنها الأهازيج والأمثال، التي تقر المترجمة بمدى صعوبتها لأنها "في أصلها مقفاة وموزونة، لكن الترجمة خلخلت بنيانها"، وهي لهذا تورد في الحواشي توضيحات مبسطة للأمثال حتى تقربها من القارئ العربي بصورة أفضل.
إن قارئ الكتاب الصادر عن مشروع "كلمة" للترجمة، التابع لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، بترجمة خلات أحمد، سيطلع من خلاله على ذخر هائل من الحكايات والأساطير التي حاكها الأكراد طوال تاريخهم عن المرأة وسوف يتبين له دورها وألقها واستقلالها في مجتمع لم يعرف التزمت نحوها. فنرى الأبطال يسلكون في سبيلها دروب "بلاد التيه"، ونرى المرأة الذكية، الوفية، المكافحة لقوت عيالها والحرص على بيتها، كما نرى المرأة الكسول والمنبوذة والشريرة التي يمقتها المجتمع ويعبر عن مقته من خلال الحكايات.
المؤلف روهات آلاكوم يعيش اليوم في السويد وأصدر أعمالا عديدة عن التاريخ الكردي، منها "صورة الأكراد في الأدب التركي الحديث" 1989، "صورة الأكراد في أعمال يشار كمال" 1992، "الأرستقراطية الكردية" 2004.
أما المترجمة خلات أحمد فهي شاعرة سورية تعيش اليوم في سويسرا، لها ديوان "أوشحة الفجر" 2004، و"مذكرات زهرة الاوكاليبتوس" 2005، و"مختارات من الشعر الكردي في سوريا" 2009.

http://www.middle-east-online.com/?id=113448