Samstag, 16. Juli 2011

خفا الكردي السوري


منذ أن قطّعت الاتفاقات والمعاهدات الجسد الكردي في أوائل القرن المنصرم لم تسنح لذراعه السورية كثير فرص يسخّرها في تمزيق الجلد الذي خيط له، يصل نياطه، يرتّق رقاعه ليُنجِد هويته الخفاقة في رياح المتاهة التي فرضت عليه وغفا فيها خمسين عاما ونيف.

الكردي قام بعمله في الثوران السوري قبل انطلاقته الآن. لقد نحَتَ أسّه قبل سنين مضت، يبدو أن نسيانا طواها في هذا الحاضر المغتلم الذي كثر فيه المحامون عن أحلام وأهواء تنحو لتنسم فضاء فيه بعض نقاء.

ولطالما كان الكردي السوري اسفنجة أمثولة تمتص ما يسيل من الجراح التي تشرع عليه من الجهات الشتى عامدا ألا ينكأ جرحه، ينحيه في ركن قصي من وعيه المنكوب بأثرة قوامها أنه الأخ الأصغر في أسر وإقطاعات تعدد أولياؤها.
وكلهم استحوذ الوصاية عليه شرعا أو نهبا. وكلهم، رغم اختلافهم، أوصاه بالسير على السراط عينه. إن حاد عنه يمينا، قيل إنه خائن، وإن مال عنه يسارا، قيل إنه موتور متهور. فظل يرتد بين حذر وحذر، بين منع ومنع، وبين قمع وقمع، ينوس ليقرع ساعات الآخر ويكون مصيره أن يتأخر أبدا.

لعل الكردي لم يهمل. لعله يمهل فورة ذاته لحين تسكن فيه الفورات وتباشر الطلائع الجديدة تقاسم الحظوظ حيث تصيب كل طليعة ما قد تصيب وتقيم أنصابا وروادع غرانيتية، مهيبة، مفتداة، تغشى عين الكردي فيلحقها بعضله ودمه متمنيا عليها أخوّة ينهلها/يبتهلها من أباريق مساجده الناطقة بلسان لا تتقنه أمه.
عسى يجيء الكردي السوري، هذه اللحظة (التاريخية) النابضة بالتحولات واستشفاف يوم حامل، بصيرا بغاية تتيحها له اللحظة ويمد أصابعه الخجولة مشيرا إلى ما يرجوه من أولياء أمره اليوم. عساه لا يعود هذه المرة أيضا بخفي كردي.

Keine Kommentare:

Kommentar veröffentlichen